كثير ما نتحدث عن الرحلات الفضائية واستكشاف الكواكب الأخرى لكن هل فكرت من قبل ماذا يوجد في الاتجاه المعاكس، تحت الأرض! ماذا لو حفرنا أفقياً لأعمق نقطة تحت سطح الأرض؟
تخيل أننا وبمساعدة الآلات المناسبة بدأنا الحفر للأسفل بمساعدة “قطار الجاذبية” الذي يتحرك بسرعة مهولة مستخدمًا قوة الجاذبية فقط كما أنه يحميك من الحرارة الحارقة والضغط العالي في هذه الرحلة لباطن الأرض. أول ما نقابله حينها هي القشرة الأرضية والتي يمكن أن يصل سُمكها تحت المحيط من 5 إلى 7 كيلومترات وتشكل 1% من عمق الأرض. خلال رحلتنا بهذا القطار التخيلي سيختلف الوضع تماماً مع كل خطوة نأخذها للأسفل. عند وصولنا لعمق 2.5 كم مثلاً، سنكون على نفس عمق أعمق حفرية تم اكتشافها على الإطلاق وعلى عمق 3.6 كم ستكون قادراً على رؤية “دودة الشيطان” وهي من الكائنات الحية القليلة التي تعيش في هذا العمق الكبير. بعدها ستأخذنا الجاذبية للأسفل عند عمق 8.8 كم تحت سطح الأرض، وعندها ستكون قد سافرت للأسفل لمسافة أكثر من ارتفاع قمة جبل إيڤرست، وعند ال 11 كم ستكون أعمق من “خندق ماريانا” وهو أعمق خندق في المحيط. وبعد عدة أمتار أخرى عند عمق 12 كم ستصل لنفس عمق “بئر كولا العميق” – أعمق حفرة بشرية عبر التاريخ. في هذا العمق يصل ضغط الهواء لـ4,000 مرة مستوى الضغط عند سطح البحر ويمكنك حينها رؤية عدد هائل من الياقوت والزمرد التي تشكلت تحت هذا الضغط الهائل. ستكون غنيمة قيمة جدا، إذا نجحت في الوصول إليها.
بعد عبور القشرة الأرضية نصل إلى طبقة الوشاح والتي يتصور العلماء أنها نسيج يشبه الحمم البركانية لكنها صخرية. وتبدأ بالانصهار كلما ذهبنا إلى الأسفل. ستكون هذه المرحلة أطول جزء في رحلتنا حيث تمثل تلك الطبقة 84% من عمق الأرض وسُمكها يصل إلى حوالي 2,900 كم. لا يوجد الكثير هنا لتراه ولكن في هذا العمق الشديد يبدأ “الماس” بالتشكل نتيجة الحرارة والضغط العاليان، ومع العلم أن طريقهم للسطح يكون عبر البراكين. بعد هذه المغامرة الطويلة وبوصولك لعمق 3,000 كم تكون في منتصف الطريق فقط لمركز الأرض وهنا يبدأ اللب الخارجي حيث تتراوح الحرارة بين 4,500 و 5,500 درجة مئوية وتتكون من الحديد والنيكل السائلين. عند عمق 5,000 كم نكون قد وصلنا إلى اللب الداخلي، وهو الجسم الكروي المكون من الحديد الصلب بالرغم من درجة حرارته التي تصل إلى 5,200 درجة. حيث يظل الحديد صلباً بسبب الضغط الساحق من حوله الذي يصل إلى أكثر من 3.6 مليون مرة ضعف مستوى الضغط عند سطح البحر. حينها أخيراً نكون قد وصلنا لمركز الأرض حيث الكتلة متساوية من جميع الاتجاهات (تقريباً) وهناك سنشعر بانعدام الجاذبية.
هذه كانت رحلتنا للمركز، كم تعتقد قد يستغرق الأمر إذاً للوصول لهذا العمق؟ في حالة السقوط الحر تحت تأثير تسارع الجاذبية (وبدون أي قوى احتكاك مع الأرض) سيستغرق منك السقوط حوالي 42 دقيقة فقط لقطع كل هذه المسافة! وستصل سرعتك في المركز لحوالي 8.2 كم في الثانية الواحدة!
كتابة: يارا سمير
0 Comments